المحضار يمن
| موضوع: في الأردن نكتشف اليمن زيارة الصحفي احمد نعمان اليفرسي الى الاردن الخميس سبتمبر 23, 2010 8:36 am | |
| يتجاوز اليمنيون المقيمون في الأردن الثلاثين ألف وكلهم خرجوا من اليمن هرباً من البطالة وجحيم الفقر وتدني الوضع الإقتصادي أما من يدخل الأردن من اليمن لأغراض العلاج هرباً من تردي الخدمات الصحية والعلاجية في الوطن اليمني فأعداد كبيرة ولم يتوفر إلى الآن إحصاء دقيق لتلك الحالات . [b]طفولة مهدورة : عدنان نعمان إبن 14 ربيعاً خرج من المدرسة باحثاً عن عمل يوفر له ولأسرته العيش الكريم ولم يتوقف بحثه سوى في أحد المصانع في الأردن – التوقف مؤقت بطبيعة الحال ! – إلتقيته في الأردن ولم يتسن لي تصويره لأنقل للقارئ صورة طفل كان يفترض أن يلقى من وطنه الدفئ والرعاية ، وهذا الطفل الذي صنع له الغرب جمعيات ومؤسسات ومنظمات تهتم به وترعاه خارج أسوار المدرسة وأجبرت الدول والحكومات هناك على وضع تشريعات وقوانين تحميه بقوة الدولة . هلال العواضي إبن 18 سنة إلتقيته يوزع برشورات دعائية في شوارع عمان تخص مطعم الشيباني في الأردن سألته عن سبب مجيئه إلى الأردن فقال والده كان نجار مسلح فسقط من عمارة من الطابق الخامس أصيب بالعجز بعدها قررت أن أبحث عن عمل وتركت الدراسة في الإبتدائية فلم يكن عملي في اليمن يغطي مصروف البيت فقررت الهجرة واستقر بي الحال هنا في عمان ... الآن راتبي تمام يغطي ... يقول هلال عن وطنه (بلاد ما تعز أهلها مش بلاد) .. ثم وجه كلامه للمسئولين في اليمن أن يتقوا الله في الطفولة والأطفال والشباب .. ويحملهم مسئولية البهذلة التي يلقاها الأطفال الذين يفرون من فسادهم إلى الغربة ، فالوضع في اليمن متدهور ثم يقول أنا تركت الدراسة من صف سادس ولم ألق في وطني اليمن أي حماية لطفولتي وأهدرت حقوقي وهاجرت إلى الأردن بحثاً عن رزق كريم "وطن بديل" لأسرتي الذين تحملت مسئوليتهم باكراً . خريجوا الجامعات عمال . محمد ياسر صلاح خريج فيزياء بتقدير عالي ويشهد له زملاؤه بالذكاء والتفوق ملفه لا يزال حبيس أدراج الخدمة المدنية منذ تخرجه ... هو الآن في الأردن مجرد عامل في عمان بينما أبناء الذوات يتمتعون بشتى الفرص والمنح ولو كانوا في مستويات دنيا علمياً ومهارياً ، هذا ما شكا منه حملة الشهادات الجامعية الذي التقيتهم في الأردن . الأخ معمر الشرعبي خريج جامعة العلوم والتكنولوجيا حضرموت بك برمجة حاسوب يعمل في مطعم وكذلك الأخ طاهر علي سيف خريج جغرافيا ، والأخ قايد خريج رياضيات .. والطابور طويل من هؤلاء الذين لفظتهم أوضاع البلاد إلى الغربة ، ولم تستوعبهم المؤسسات أو الشركات في الغربة بسبب السمعة السيئة التي توصم بها المؤسسات التعليمية أو الجامعية في اليمن فكونك خريج جامعة يمنية كفيل بأن تصد أمامك أبواب فرص الإلتحاق بالمؤسسات والشركات خارج الوطن .. سمعتنا "مش ولا بد" . شكلك يمني !وأنت في بلاد الغربة غالباً ما يعرف اليمني من شكله وحجمه قبل أن تسمع حديثه إلا ما ندر من الحالات ، قال مدير الفندق الذي ينزل فيه كثير من اليمنيين أنا ما شفت يمني "طول بعرض" كلهم "قد هيك" ويشير بأصبعه ... تعرفت على أردني من أصل فلسطيني يتكلم اللهجة الصنعانية بطلاقة فاقتنعت بصنعانيته فلما قلت له "شكلك يمني" أو صنعاني فانتقض قائلاً : " وحّد ألله يا رجٌل" بلهجة أردنية صافية وكأنني وصمته بصفة سوء ، فلم أخف حسرتي وغضبي فاعتذر لي صاحبنا ، وبقى في نفسي شعور بأنني وبلدي ينظر لنا نظرة تمثل انتقاصاً والفكرة عن اليمن ليست كما ينبغي والحسرة الأكبر أن الإنصاف يقول أن فكرتهم في جانب كبير منها واقعية ! مقارنة بكثير من البلدان العربية ما بالك بالأجنبية ، الفوضى التي تعيشها اليمن والحالة العشوائية تقرؤها من شكل اليمني وهيئته وملبسه مع استثناءات قليلة . كذبة الصحة للجميع عام 2000م هذا ما صرح به د. عبدالكريم الأرياني أثناء تقلده منصب رئاسة الحكومة ومنذ ذلك التصريح وحتى اليوم الله وحده يعلم كم عدد المرضى الذين عجزت المستشفيات الحكومية والأهلية في اليمن عن علاجهم بل وعدد الذين راحوا ضحايا ذلك العجز ، ومنذ ذلك التصريح هناك أعداد هائلة خرجت خارج اليمن تبحث عن خدمة صحية وعلاجية لم تتوفر لها في اليمن التقيت كثيراً من هؤلاء الفارين إلى الأردن بحثاً عن أمان صحي هناك يقول محمد الفروي – البيضاء – أخي أصيب بما يشبه الشلل في الأطراف العلوية والسفلية ، فقمنا بإسعافه إلى عدن ، وأجريت له الفحوصات ولم يتخذوا حيال الحالة أي إجراء وتوقفوا عند تشخيص المرض بينما حالة أخي تتدهور فنصحنا كثير من الناس بالسفر إلى الأردن وفعلاً قمنا بإجراءات السفرهنا في الأردن شخصوا المرض ثم رقدوه وأعطوه الجرع اللازمة لمدة ستة أيام وقالوا بأن أخي أصيب بفيروس يؤثر على الأطراف بما يشبه الشلل الآن يتماثل للشفاء والحمدلله . عبدالجليل الشميري من سكان صنعاء قال : حصلت لي جلطة في عام 2007م واسعفت إلى مستشفى في صنعاء ولم أستفد بشيء سفرتني الجهة التي أعمل بها إلى الأردن ... عملت عملية زرع شرايين وإصلاح صمام في المستشفى الإسلامي وتمت العملية بنجاح ، والآن عدت لأنني شعرت بمضاعفات وتشخيص الأطباء في اليمن يفيد أنني بحاجة إلى قسطرة علاجية فلم أثق بهذا القرار فجئت إلى الأردن وعرضت نفسي على نفس المستشفى الذي أجريت فيه العملية وبعد الكشف والفحص تبين لهم أن مرض كان بسبب زيادة الكوليسترول في الدم والآن أنا راجع اليمن بخير على خير ! د/ وليد المخلافي أتى إلى الأردن مع عمه للإستشفاء أيضاً يقول : عمي تزوج منذ 16 عاماً منذ ذلك الحين إلى اليوم وهو يتعالج للعقم ولم يخرج إلى طريق وبعد هذه السنوات تقرر أن يستخدم الأنابيب ونظراً لعدم ثقته بالقدرة العلاجية في اليمن قرر السفر إلى الأردن لنفس الغرض حيث عرض حالته على الوحدة المختصة للإنجاب في المستشفى الإسلامي والآن نحن بصدد العلاج . اليمن – الأردن – الفارق كبير قال سكرتير شئون المرض العرب في المستشفى الإسلامي للصحوة أن المستشفى يستقبل مرضى من كافة البلدان العربية لكن أعلى نسبة تصل إليهم هم يمنيون بواقع 60% من جملة المرضى العرب ، ومعظم الحالات هي أمراض (القلب – العمود الفقري – الدماغ – الأورام – العظام ) أحد اليمنيين التقيته في المطعم تبين أنه خارج للتو من المستشفى بعد أن أجرى عملية قسطرة قلبية فقال : والله هنا نحن نرى العافية من المعاملة حقهم في المستشفى . محمد مارش أحد القادمين إلى الأردن يقول: أحسست بالعافية من معاملة الدكاترة والعاملية والممرضين ، هنا فعلاً ملائكة رحمة وعند ملائكة عذاب ربما الوضع الإقتصادي للموظف والطبيب اليمني تجعله متشنج لكن كثير من الأطباء وضعهم المادي ممتاز ومع ذلك لا يجد منه المريض أي معاملة جيدة ولا خدمة علاجية ممتازة أنا لا أعمم لكن الوضع العام هكذا ، ويضيف أنا أعتبر أن المقارنة ستكون ظالمة بين الوضع الصحي في اليمن والأردن ، ويتحمل الوزر الأكبر في ذلك النظام السياسي الذي امتد ظلال فساده إلى كل قطاعات ومؤسسات الوطن ... حسرة كبيرة أنا أشعر بها الآن .. لا أحد يحب أن يكون وطنه بهذا المستوى لكن ما نفعل هذا الواقع .. د/ ن.ع يتدرب في الجامعة الأردنية على أجهزة تشخيصية وعلاجية لم يخف علينا تخوفه من عودته إلى اليمن ، ويفيد أنه قد نصح بأن يقدم في مستشفى في السعودية حيث يقول : أنا متأكد أنني سأعود إلى اليمن ولن أجد في المستشفى التي رشحت منها أي من الأجهزة التي تدربت عليها بالرغم أن بعض الأجهزة لا يتعدى ثمنها عشرة آلاف دولار – قيمة سيارة أو نصف سيارة لمسئول !! – د/ وليد المخلافي يقول أن الإمكانات تكاد تكون شبه منعدمة في معظم المستشفيات الحكومية .. لا يوجد في أقسام الطوارئ أدوية طوارئ ما بالك بأقسام الإنعاش والرقود . يرى د/ المخلافي أن هناك إمكانات كبيرة متوفرة لدى هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء محجوبة عن المواطن بصعوبات كثيرة بسبب الفساد والفوضى فحق ابن هادي سيد الموقف . أما الأخ / محمد الفروي فيرى أن الخدمة الطبية في الأردن متطورة جداً والطب في اليمن لا يساوي الثمن 8/1 مما هو في الأردن ، هنا نلقى جميع التسهيلات والمعاملة الممتازة حتى من الأمن الأردني قمة في الإحترام . المستشفيات الأهلية الحال من بعضه تأسس المستشفى الإسلامي الأهلي في الأردن عام 1982م بنفس العام الذي تأسس فيه مستشفى الثورة بمحافظة إب كما أعلم .. المستشفى الإسلامي وضع لنفسه استراتيجة تطوير مادي وبشري بينما مضى المستشفى اليمني المذكور بلا إستراتيجة... اليوم تجرى عمليات القلب المفتوح و أعقد عمليات الدماغ والعيون ومختلف العمليات الجراحية الدقيقة وتم العمل على تزويد المستشفى بأحدث الأجهزة الطبية لمختلف الاقسام والتخصصات بينما بقي المستشفى اليمني المذكور على حاله منذ افتتاحه هذا حال المستشفيات الحكومية أما المستشفيات الأهلية فهي لا تعدوا الوجه الآخر للمأساة حيث الأخطاء الطبية والإستهتار والتجارة والأرباح هي سيدة الموقف فتحولت عند هؤلاء الخدمة الطبية إلى سلعة والأمثلة على ذلك كثيرة . هذا رأي كثير ممن التقيناهم في الأردن حيث يرى محمد الفروي أنه لا فرق بين الحكومي والأهلي "الجميع في الهواء سواء" مش همهم إلا كيف يهطشوك ويفرغوا جيبك . الأخ محمد مارش قال : المستشفى الإسلامي في الأردن والمستشفى التخصصي وكثير من هذه المستشفيات هي منشآت صحية أهلية وليست حكومية مع ذلك تجد فيها خدمة ومصداقية في التعامل أنا أعرف مستشفيات عندنا في محافظة إب وغيرها يجب أن تغلق مقارنة بهذه التي في الأردن .. يا أخي هذا الذي رأيناه في الأردن فتح أعيننا على حقائق كثييرة وأولها أن المستشفيات الأهلية والحكومية مش مستشفيات هي عيادات بدائية فقط ...د/وليد المخلافي يقول كنا ننتظر من المستشفيات الأهلية أن تعوض المواطن اليمني ما فقده في المستشفيات الحكومية يشتري خدمة متميزة بفلوسه لكن تبين أن الحال من بعضه ما فيش جديد وجه آخر للإبتزاز وغياب الجودة المأمولة ...هنا في الأردن ما فيش طبيب عنده ماجستير يفتح عيادة عيب !! عودة إلى الوطن : عمان وضواحي عمان من أنظف المدنة العربية تتجول في شوارعها وأول ما يلفت إنتباه الزائر اليمني لها هو النظام والأناقة التي تتمتع بها مظاهر الحياة هناك وهو ما يفتقده اليمني لدى عودته إلى وطنه ( خلق الله نظاف أنيقون – شوارعهم – بيوتهم – سياراتهم – محالاتهم التجارية – ومطاعمهم – أسواقهم ... كل شيء ) لدى عودتي إلى صنعاء مررت بجامع الشهداء وحول أسواره المطلة على فرزة السواد حزيز يضع الجن والإنس فضلاتهم أشكال وأنواع .. منظر أصابني بالقرف ليومين متتاليين .متتالية خرائبية : الوسخ الذي نشاهده في البيئة اليمنية في المدينة والحضر هو في رأيي انعكاس للوسخ واللا نظافة في العقلية التي تدير البلاد واللانظام والفوضى التي يعاني منه الوطن اليمني في مدنه وشوارعه هو انعكاس للفوضى النفسية والفكرية للقائمين على الشأن اليمني المتحكمين في مقدراته والإنفلات القيمي الذي تسبب في تردي خدمات قطاعات الدولة الصحية والتعليمية والأمنية هو الآخر إنعكاس لهذا النظام السياسي القائم على اللاخطة واللانتماء واللاوطنية واللاقيم ، الذي بسببه فقد اليمني هيبته في بلاد الغربة ومكانته اللائقة وفقد المواطن في الداخل حقه في عيش كريم .
[size=25] حقوق الطبع محفوظة باحث وكاتب (الاستاذ الصحفي )/احمد نعمان اليفرسي اليمن إب[/size][/b] | |
|